لقجع يُعلن "الصرامة" في وجه فوضى الصفقات العمومية.. مراقبة مسبقة، تقارير إلزامية، وفسخ عقود المقاولين المخالفين دون تعويض

 لقجع يُعلن "الصرامة" في وجه فوضى الصفقات العمومية.. مراقبة مسبقة، تقارير إلزامية، وفسخ عقود المقاولين المخالفين دون تعويض
الصحيفة من الرباط
الجمعة 6 يونيو 2025 - 22:13

أعلنت الحكومة، عزمها تكريس قواعد الحكامة الجيدة في تدبير المال العام، بالاعتماد على قاعدة ذهبية تؤطر منظومة الصفقات العمومية في المغرب، وهي اعتماد مبدأ المنافسة المفتوحة كمدخل أساسي لضمان الشفافية والمساواة بين المتنافسين، تماشيا مع روح دستور 2011، وفق ما أكده الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، مشددا على أن الصفقات التي يتجاوز مبلغها ثلاثة ملايين درهم والصفقات التفاوضية التي تتخطى مليون درهم، تُخضع وجوبا لتدقيقات رقابية بمبادرة من الوزير المعني.

وأوضح لقجع، في جواب مكتوب على سؤال وجهه النائب البرلماني إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، أن الدولة وضعت آليات قانونية وتنظيمية صارمة تؤمن الحق في الولوج المتكافئ إلى الطلبيات العمومية، مع إقرار إلزامية الإشهار الواسع لعروض الصفقات، كجزء من إجراءات محاربة الريع والاحتكار وتعزيز التنافسية.

وسجل المسؤول الحكومي أن المنظومة الوطنية لتدبير الصفقات العمومية قد خضعت لعملية تحيين شاملة، لتتلاءم مع المعايير والممارسات الفضلى المعتمدة على الصعيد الدولي، ما يسمح للمقاولات المغربية بالمشاركة في هذه الصفقات بشروط تضاهي تلك المعمول بها في أكبر الاقتصادات.

ولتفعيل هذا المسار، يتم إخضاع الصفقات لمجموعة من التدابير الرقابية الصارمة، من ضمنها المراقبة المسبقة للالتزامات المالية، والمصادقة على الأداء وفق المساطر الجارية، إلى جانب إلزام الإدارات العمومية بتبليغ المقاولين بمراجع التأشيرات قبل الشروع في تنفيذ الأشغال.

وفي سياق التشديد على مبادئ النزاهة وحسن التدبير، أوضح لقجع أن الصفقات التي يتجاوز مبلغها ثلاثة ملايين درهم (مع احتساب الرسوم)، والصفقات التفاوضية التي تتخطى مليون درهم، تُخضع وجوباً لتدقيقات رقابية بمبادرة من الوزير المعني، مما يضمن تتبعاً محكماً لسير الأشغال وطرق صرف الاعتمادات.

كما تلتزم الجهات صاحبة المشاريع بإعداد تقارير تفصيلية عند انتهاء الأشغال، في أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر من التسلم النهائي، بالإضافة إلى تقرير تقديمي يرفق بكل صفقة يعتزم صاحب المشروع إطلاقها، بهدف تعزيز الشفافية وتوثيق كل مرحلة من مراحل الإنجاز.

ولم يغفل لقجع في مداخلته الإشارة إلى التدابير العقابية التي يتم اتخاذها في حالة الإخلال ببنود الصفقات، مستشهداً بمقتضيات المادة 79 من مرسوم 13 ماي 2016، التي تخول للإدارة صلاحية فسخ الصفقة فورا عند تسجيل اختلالات جسيمة، إما دون قيد أو شرط، أو مع حجز الضمانات المالية وسحب المبالغ المستحقة للمقاول المخلّ بالتزاماته.

وإذا اقتضى الأمر، يمكن أن يتبع الفسخ إبرام صفقة جديدة على نفقة المقاول السابق، لإتمام الأشغال، طبقا لمقتضيات المادة 86 من المرسوم رقم 2.12.349 المتعلق بالصفقات العمومية، كما لا يُستبعد اتخاذ قرار بإقصاء المقاول المعني مؤقتا أو بشكل دائم من المشاركة في صفقات أخرى.

ومن بين آليات الردع الصارمة التي سلط عليها لقجع الضوء، تفعيل "التنفيذ المباشر"، حيث تقوم الإدارة، عند الضرورة، بإحلال مقاول بديل أو وكيل أعمال للإشراف على استكمال الأشغال باستعمال الوسائل اللوجستية والبشرية التي تعود للمقاول الأصلي، وعلى حسابه الخاص.

وفي هذه الحالة، يحق لصاحب المشروع اقتناء التوريدات والمواد اللازمة باسم المقاول المخلّ، واحتسابها عليه، ضمن إجراءات تهدف إلى حماية المال العام وتفادي تعثر المشاريع.

وتكشف مضامين جواب الوزير فوزي لقجع عن وجود إرادة سياسية واضحة لتطويق الهفوات والانزلاقات التي قد تعتري مجال الصفقات العمومية، وتحويله إلى ورش منتج يخضع لمعايير الحوكمة والمحاسبة والنجاعة، في انسجام تام مع التوجيهات الدستورية ومستلزمات الاستثمار الوطني والدولي.

وحول مدى إمكانية نجاح هذه الترسانة التنظيمية والرقابية في إعادة الاعتبار لمصداقية الصفقات العمومية بالمغرب، وتقليص هوامش التلاعب والزبونية، قال عبد الحق بنعمر، الخبير في المالية العمومية والحكامة الجيدة، إن "الإصلاح الذي تحدث عنه الوزير فوزي لقجع في مجال الصفقات العمومية يندرج ضمن توجه استراتيجي بدأ المغرب يتبناه منذ مصادقة المجلس الوزاري على ميثاق اللاتمركز الإداري سنة 2018، والذي يسعى إلى عقلنة النفقات العمومية وتحسين أثرها على التنمية الترابية".

وما يلفت الانتباه، حسب تصريح الخبير بنعمر لـ "الصحيفة"، هو تأكيد الوزير على إخضاع الصفقات التي تفوق 3 ملايين درهم والصفقات التفاوضية التي تتجاوز مليون درهم إلى آليات رقابة صارمة وتفتيش داخلي، وهو ما يتماشى مع توصيات تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2022 الذي أشار إلى وجود اختلالات هيكلية في تدبير الصفقات ببعض المؤسسات العمومية والجماعات الترابية، من قبيل ضعف الشفافية في معايير الانتقاء واللجوء المتكرر إلى مسطرة التفاوض المباشر دون مبررات قانونية كافية.

كما أن تفعيل إجراءات مثل التنفيذ المباشر على حساب المقاول المخل، أو فسخ العقد ومصادرة الضمانات، يعكس حسب الخبير " توجها جديدا للدولة في التصدي للفساد الإداري والمالي، وهي إجراءات كانت منصوصًا عليها نظريا منذ صدور مرسوم 2.12.349، لكنها ظلت في حالات عديدة دون تفعيل فعلي"، مضيفا: "ما تحتاجه المنظومة اليوم ليس فقط التنصيص على القواعد، بل بناء نظام معلوماتي متكامل لتتبع الصفقات، وربطها بالبوابة الوطنية للطلبيات العمومية، وتمكين المواطن والمجتمع المدني من مراقبة التنفيذ في إطار مقاربة تشاركية شفافة".

وشدّد المتحدث، على أن الأهم هو " أن نجاح هذا الورش مشروط بتقوية الموارد البشرية بالإدارات صاحبة المشاريع، خاصة على مستوى لجان فتح الأظرفة وتتبع الأشغال، إذ لا تزال تقارير المفتشية العامة للمالية تسجل ضعفا في التكوين القانوني والمالي لأطر بعض الجماعات والإدارات المحلية، وهو ما يفتح ثغرات أمام استغلال النفوذ والمحاباة.. في المقابل، فإن استمرار الدولة في هذا النهج سيعيد الثقة إلى المقاولة المواطنة، ويجعل من الصفقات العمومية أداة حقيقية لدعم الاستثمار المنتج والتنمية الترابية المتوازنة".

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...